responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 402
[سورة آل عمران (3) : الآيات 69 الى 74]
وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (73)
يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74)
الطَّائِفَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ هُمْ: يَهُودُ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ، وَبَنِي قَيْنُقَاعَ، حِينَ دَعَوْا جَمَاعَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى دِينِهِمْ وَسَيَأْتِي، وَقِيلَ: هُمْ جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَتَكُونُ: مِنْ، لِبَيَانِ الْجِنْسِ. وَقَوْلُهُ: وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثُبُوتِ قَدَمِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْإِيمَانِ، فَلَا يَعُودُ وَبَالُ مَنْ أَرَادَ فِتْنَتَهُمْ إِلَّا عَلَيْهِ.
وَالْمُرَادُ بِآيَاتِ اللَّهِ: مَا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ دلائل نبوّة محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ مَا فِي كُتُبِكُمْ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ تَشْهَدُونَ بِمِثْلِهَا مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تُقِرُّونَ بِنُبُوَّتِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ، كَتْمُ كُلِّ الْآيَاتِ عِنَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهَا حَقٌّ. وَلَبْسُ الحق بالباطل: خلطه بما يعتمدونه مِنَ التَّحْرِيفِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ. قَوْلُهُ: وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ هُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ، قَالُوا لِلسَّفَلَةِ مِنْ قَوْمِهِمْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَوَجْهُ النَّهَارِ: أَوَّلُهُ، وَسُمِّيَ: وَجْهًا، لِأَنَّهُ أَحْسَنُهُ، قَالَ:
وَتُضِيءُ فِي وَجْهِ النَّهَارِ مُنِيرَةً ... كَجُمَانَةِ الْبَحْرِيِّ سُلَّ نِظَامُهَا
وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ، أَمَرُوهُمْ بِذَلِكَ لِإِدْخَالِ الشَّكِّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِكَوْنِهِمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَدَيْهِمْ عِلْمٌ، فَإِذَا كَفَرُوا بَعْدَ الْإِيمَانِ وَقَعَ الرَّيْبُ لِغَيْرِهِمْ، وَاعْتَرَاهُ الشَّكُّ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ ثَبَّتَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَكَّنَ أَقْدَامَهُمْ، فَلَا تُزَلْزِلُهُمْ أَرَاجِيفُ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَلَا تُحَرِّكُهُمْ رِيحُ الْمُعَانِدِينَ. قوله: وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْيَهُودِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، أَيْ: قَالَ ذَلِكَ الرُّؤَسَاءُ لِلسَّفَلَةِ: لَا تُصَدِّقُوا تَصْدِيقًا صَحِيحًا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ قَدْ أَسْلَمَ فَأَظْهَرُوا لَهُمْ ذَلِكَ خِدَاعًا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لِيَفْتَتِنُوا، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ عَلَى هَذَا: مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لِأَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، يَعْنِي: أَنَّ مَا بِكُمْ مِنَ الْحَسَدِ وَالْبَغْيِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَالْكِتَابِ دَعَاكُمْ إِلَى أَنْ قُلْتُمْ مَا قُلْتُمْ. وَقَوْلُهُ: أَوْ يُحاجُّوكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى: أَنْ يُؤْتَى، أَيْ: لا تؤمنوا إِيمَانًا صَحِيحًا، وَتُقِرُّوا بِمَا فِي صُدُورِكُمْ إِقْرَارًا صادقا لغير من تبع دينكم، إن فعلتم ذلك ودبرتموه فإن الْمُسْلِمِينَ يُحَاجُّوكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ بِالْحَقِّ. وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ جُمْلَةٌ اعْتِرَاضِيَّةٌ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَعْنَى: وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، وَلَا تُؤْمِنُوا أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، وَلَا تُصَدِّقُوا أَنْ يُحَاجُّوكُمْ، فَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: لَا تُؤْمِنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَتَكْفُرُوا آخِرَهُ إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، أَيْ: لِمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، لِأَنَّ إِسْلَامَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُمْ غَيْظًا وَأَمَاتَهُمْ حَسْرَةً وَأَسَفًا، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْتى عَلَى هَذَا: مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ كَالْأَوَّلِ وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَهَ:
أَنْ يُؤْتى مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لَا تُؤْمِنُوا أي: لا تظهروا إيمانكم ب أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَيْ: أَسِرُّوا تَصْدِيقَكُمْ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أُوتُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، وَلَا تُفْشُوهُ إِلَّا لِأَتْبَاعِ دِينِكُمْ

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست